لا شيء يمكنه تدميرنا
حول ردود الفعل على وفاة الصحفية شيرين أبو عقله في العالم العربي ، والأوضاع في الشرق الأوسط في ظل الحرب في أوكرانيا ، موقع سترايك يتحدث مع السفير الفلسطيني محمود خليفة.
سؤال:
السيد السفير ، العالم الغربي مهتم الآن بمنطقة مختلفة تمامًا من العالم، غير الشرق الأوسط ، بما في ذلك فلسطين وإسرائيل. ربما لذلك مرت الاخبار والمعلومات في الاعلام الغربي حول وفاة الصحفية العربية الشهيرة في قناة الجزيرة، مرت دون أن يلاحظها أحد؛ ما الذي حدث ؟ لماذا أثار موتها مثل هذا الرد الصاخب في فلسطين؟
جواب:
هل تعتقدون ان هذا الاستنكار فقط في فلسطين ؟ في كل انحاء العالم شاهدنا رداً غاضباً على هذه الجريمة، حياة كل شخص مهمة بالنسبة لنا نحن الفلسطينيين. لا يمكننا تحمل فقدان اي مواطن فلسطيني، ولا يمكننا المرور مرور الكرام حول مثل هذه الجرائم، كل حياة ثمينة، وكل مواطن قيمة عالية بالنسبة لنا، مجتمعنا و شعبنا هم عماد بناء مؤسساتنا ودولتنا ، نحن نكافح لبناء دولتنا وكل مواطن فيها له قيمته العالية.
سؤال:
ومع ذلك ، يُقر السيد السفير أن وفاة شيرين أبو عاقلة اثارت عاصفة بشكل استثنائي …
جواب:
نرى كل يوم ممارسات جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق شعبنا في القدس وفي كل مدينة.
لا ، لا اتفق مع بعض الحجج ان ذلك رد فعل على فعل من الجانب الفلسطيني. لا!
نحن تحت احتلال إسرائيلي. لدينا الحق الكامل في الدفاع عن انفسنا، في الكفاح من أجل حقنا في الحياة والعيش بسلام ، وبالتأكيد من أجل غدٍ أفضل، بكرامة ، في بلد حر. هذا حقً لكل شخص ، لكل شعب، منذ أواسط رمضان هاجم الجيش الإسرائيلي المصلين في المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، منعهم من الصلاة بحرية، هاجم مخيم اللاجئين وكالعادة، أمر طبيعي أن يظهر الصحفيون في موقع الحدث للتغطية ، خاصة ان وحشية السلطات الاسرائيلية في هذا المخيم استثنائية كالعادة.
سؤال:
قناة الجزيرة أولت الكثير من الاهتمام لهذا الصراع.
جواب:
هذه إحدى المحطات التي ترسل مراسليها عادة الى ساحات النزاعات المهمة. هم موجودون في أوكرانيا، وكذلك في جنين. شيرين كانت من أكثر مراسلي قناة الجزيرة خبرة ومهنية في فلسطين ، تعمل في هذه المحطة منذ إنشاءها. يعرفها الجميع في العالم العربي ، صوتها، صورتها، اسلوبها الهادئ.
سؤال:
هل كانت وفاة شيرين أبو عاقله صدفة؟
جواب:
مستحيل، مستحيل! هذا غير ممكن، كانت رصاصة قناص، كانت عملية اغتيال متعمدة ، كانت مستهدفة. ومطلق النار كان يعلم على من كان يصوب، كانت ترتدي سترة وخوذة مطبوع عليها بشكل واضح “صحافة،”المكان الذي توفيت فيه هو نقطة تجمع دائمة للصحفيين. لم يكن هناك أي خطأ. هذا غير وارد.
سؤال:
الجيش الإسرائيلي أفاد أن الرصاصة أطلقت خلال تبادل لإطلاق النار بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي.
جواب:
هذا ليس صحيحا. هناك تسجيلات مصورة من موقع الحدث، لم يكن في المكان إطلاق رصاص متبادل، التحقيقات حتى الآن اظهرت المكثير من المعلومات منها المقذوف نفسه الذي قتل الصحفية .
سؤال:
أعلن الجانب الإسرائيلي أنه سيوافق على إجراء تحقيق إسرائيلي فلسطيني مشترك.
جواب:
هذا حديث غير دقيق. في البداية أنكرت ثم تراجعت، قالت انها ستحقق، ثم عرضت اجراء تحقيق مشترك ثم رفضت اجراء تحقيق، نظراً لحجم هذه الجريمة والمطالبت الدولية باجراء التحقيق، تريد إسرائيل أن تظهر للرأي الدولي أنها مستعدة لإجراء تحقيق مشترك.
حتى الآن ، لم يُعاقب أي من الجنود الاسرائيليين الذين أطلقوا النار على المدنيين الفلسطينيين. والسبب معروف : انهم تحت حماية خاصة من قبل السلطات الإسرائيلية.
رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت قبل أيام قليلة قال إن الجيش الإسرائيلي سيعمل باريحية حيثما دعت الحاجة لذلك.
سؤال:
رد الفعل الفلسطيني كان على اعلى المستويات حول مقتل الصحفية من الجزيرة. لماذا؟
جواب:
هذا مؤشر كبير واشارة واضحة ان الكيل طفح ، ولم يعد من الممكن الصمت على جرائم “اسرائيل” هذه الجريمة دليل على أن الشعب الفلسطيني على وشك الانفجار. لأسباب عدة، واحدً منها ازدواجية المعايير الدولية؛ بعبارة أخرى ، مقتل الفلسطيني بالنسبة للدول الغربية امر عادي مقارنة بقتل اشخاص في مناطق اخرى من العالم.
هذا لا يعني أن حياة شخص ما أهم من حياة أشخاص آخرين.
حياتي لا تقل أهمية عن حياة الأوروبيين أو الأمريكيين أو الأفارقة ؛ حياة الجميع مهمة والحق في الحياة متساوٍ.
لكن يكفي إلقاء نظرة على تصريحات الكثير من الدول بخصوص جريمة اغتيال الصحفية ابو عاقلة. هل تجد مُجرد تلميح إلى توجيه اتهام لإسرائيل وممارساتها ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة. محتلة ، أوضح وأكرر.
هذه المعاملة تعطي “إسرائيل” شعوراً بالإفلات التام من العقاب والوعي بأن أعمالها غير القانونية تخضع لحماية العديد من الدول الغربية.
نقول “كفى!”
لن يتحمل الفلسطينيون بعد الآن مواصلة سياسة المعايير المزدوجة في ظل ما نراه في العالم.
سؤال:
من كلماتك نشعر ان لديكم خيبة أمل، ان الحرب على اوكرانيا صرفت انتباه العالم عن فلسطين، . هل تشعرون انكم منسيون؟
جواب:
شاهد العالم كله جنازة شيرين، كيف جرى وداعها في جنين، ونابلس، ورام الله والقدس. بالمقابل شاهد العالم السقوط الأخلاقي لدولة الاحتلال “اسرائيل”، عندما اعتدت على مشيعيي الشهيدة شيرين ابو عاقلة، كيف جرى الاعتداء على النعش.
كل حرب، في اي بقعة من العالم، هناك ما يشد ويهم العالم ، في كل حرب في كل منطقة في العالم يسقط ضحايا. مدنيون، تدمر البنى التحتية، تهاجم المستشفيات ، المدارس والجامعات ؛ نحن نفهم أن كل حرب تخلق سببًا للعمل الفعال على الساحة الدولية.
اليس الهدف هو أنه لا ينبغي أن تكون هناك حروب في أي مكان. اكرر في مكان.
ومع ذلك ، فإن انخراط العالم الفعال في منطقة واحدة دون غيرها ، في بلد معين ، ونسيان الآخرين ، حيث يموت الناس أيضًا ، هو أمرً يصعب فهمه وتبريره. هذه معايير مزدوجة.
يتضح من ذلك ان البشر غير متساوون، أننا لسنا مثل الآخرين؟
اليوم العالم قرية عالمية صغيرة. لذلك ، يجب أن يكون رد فعل العالم على قتل المدنيين هو نفسه في كل مكان.
سؤال:
في بيانكم بخصوص مقتل شيرين أبو عاقله، يضع السفير فرضية أن إسرائيل تريد التخلص من الصحفيين حتى لا ينقلوا ما يرونه.
جواب:
نعم. هذه هي رسالتهم، فعندما لا تراقب وسائل الإعلام ، فإن حجم جرائم إسرائيل سيكون أكبر. هم فقط لا يريدون شهود. حتى لا يعرف العالم الحقيقة.
سؤال:
الحرب في أوكرانيا غيرت كل شيء. تقريباً، هل انتم قلقون من أن التغييرات في العالم ستشمل أيضًا منطقة الشرق الأوسط. ألا تخشى أن تختفي دولة فلسطين ببساطة مع لامبالاة العالم كله؟
جواب:
بالتأكيد لا. لقد تحدثت عن ذلك قبل ثلاث سنوات في مؤتمر صحفي: قلت حينها أننا على شفا الحرب العالمية الثالثة. ضعف المجتمع الدولي ومؤسساته، تدهور الوضع الاقتصادي، انتشار كوفيد –19 وما ارتبط به من وضع معقد … كل هذه علامات على حصول امر كبير وخطير، حرب كبرى. وهذا ما حدث.
الحرب الكبرى موجودة بالفعل. نعم ، انظر ما يجري في العالم. نحن ندرك أن الوضع يتغير. وكل تغيير يجلب معه الآمال في الخير والشر. نحن على يقين أن كل شيء يمكن أن يحدث ، لكننا متأكدون من شيء واحد:
لا شيء يمكن أن يكسر الشعب الفلسطيني. نحن نعيش على ارضنا منذ آلالاف السنين. نحن قلب الشرق الأوسط، وجزء مهم من حضارة المنطقة والعالم. لسنا دخلاء وغرباء.
نحن قصة وحكاية المنطقة ، جزء من حضارتها، كنا هنا ، ونحن موجودون، وسنبقى هنا كذلك. الرئيس عباس قال بوضوح في الامم المتحدة : نحن منفتحون ومستعدون للحوار، ولكن ليس الى ما لا نهايةهناك حاجة لدور المجتمع الدولي الفاعل، ضغط المجتمع الدولي. اطراف فاعلة جديدة،
ثقتنا معدومة بالولايات المتحدة التي نسيت أن هناك أمة فلسطينية.
نرحب بكل دولة ومنظمة نثق بها للمساهمة في عملية السلام.
انتهى
المقابلة تمت باللغة البولندية والنص أعلاه ترجمة جهزتها سفارة دولة فلسطين