كلمة السفير في الكونغرس الدولي السابع لآسيا

الأعزاء في جامعة نيكولاس كوبرنيكوس،

البروفيسور يوآننا مارشاوك – كافا،

الدكتور آدم مارشاوك ،

الضيوف الكرام الأعزاء

الأعزاء القائمين على المؤتمر

 

كل الشكر لجهودكم في عقد هذا المؤتمر السنوي، واعتقد أن كل فعالية على هذا الشكل والمستوى كما تفعله مدينة تورن وجامعة ميكواي كوبرنيك يعززان العلاقات المشتركة بين بولندا وبلداننا، وهذا هو هدفنا كسفراء.  وهذا المؤتمر يعزز رؤيتي في ان تأثير السياسي على الثقافي والأكاديمي هو تأثير مؤقت، بينما تأثير المثقف والأكاديمي على السياسي هو الأكثر ثباتاً لأن هذا التأثير يُكَوِن القيم ويشكل المجتمعات.

وكل التمنيات والتقدير لأندونيسا الصديقة على إنجازاتها وهي دولة مهمة في اسيا والعالم، ولسعادة السفيرة سيتي مولديه.

 أنا على يقين ان مداخلات المتحدثين ستغني جدول اعمال هذا المؤتمر، وتُقدمُ لنا صورة لما نتمناه لعالمنا ولعلاقاتنا المشتركة، ومن موقعي كسفير لبلادي فلسطين وعميد للسلك الدبلوماسي العربي، سأركز على منطقة الشرق الأوسط كجزء من القارة الآسيوية بما تواجهه من تحديات، فالشرق الأوسط كان ولا يزال نقطة الارتكاز، ومحور اهتمام القوى العظمى لأسباب عدة.

فلطالما رُبِطَ مصطلح الشرق الأوسط اعلامياً بالمشاكل والارهاب والحروب، وكأنه الانطباع الذي تريده تلك القوى العظمى ان يتكون لدى الرأي العام العالمي، لذلك سَخَّرت له كل أدواتها الإعلامية وعلى رأسها هوليود.

فالشرق الأوسط هو تلك المساحة الجغرافية التي تطل على البحر الأحمر، والخليج العربي، والبحر الأبيض المتوسط، وبحر العرب، تلك المساحة الغنية بالنفط. إذاً، هي منطقة مهمة لسلامة العالم الحٌرِ الى جانب أثرها التاريخي، فهي موطن الديانات الثلاث، خلافاً للصور النمطية.

من هنا، فإن التحدي الأكبر الذي يواجهه هذا الجزء من العالم، هو الاحتلال والاطماع، احتلال فلسطين وتحويل شعبها الى شعب من اللاجئين المنتشرين في العالم، والاطماع في ثرواتها الطبيعية التي يحتاجها العالم رغم التكنولوجيا المتطورة، ما جعلها مركز الغزوات على مر العصور. فالحرب تندلع من فلسطين والسلم كذلك، وفي كلا الحالتين فإن ما يجري في المنطقة بفعل السياسية الموجهة التي تقودها إدارة البيت الأبيض، تشير بشكل واضح الى عجز المنظومة الدولية عن تطبيق قراراتها ومواثيقها. وبعبارة أقل دبلوماسية، فإن كل ما يجري في منطقة الشرق الأوسط هو للحفاظ على رفاهية الأمريكي.

فقد أدت المغامرات العسكرية الأميركية في العقود الأخيرة الى إحداث متغيرات جذرية في بنية النظام العالمي، وها هي تقرع طبول الحرب على نطاق واسع بفعل مغامراتها على الصعيدين الصحي والاقتصادي.

الحضور الكريم

  لقد تسببت تلك المتغيرات في تسابق محموم بين كافة الدول التي تعتبر نفسها دول عظمى، وبرأيي ان السياسة التي اتبعتها الإدارة الامريكية الحالية أدت الى سحق الكثير من الدول في العالم وبشكل خاص تلك القوى التي تعتبر نفسها عظمى، وهي “أي الإدارة الامريكية” تحاول استعراض عضلاتها المترهلة أمام الصين. وهنا مكمن الخطر، فسياسات إدارة الرئيس ترامب، في هذا الوضع بالذات قد تؤدي الى حرب تريدها الإدارة الامريكية لتغطية عجزها الاقتصادي، وتجارة السلاح، في ظل تراجع دورها السياسي وتفوقها العسكري.

ولأمريكا في منطقة الشرق الأوسط مصالح ثلاث رئيسة: الحاجة للنفط، الحفاظ على وظيفة “إسرائيل” كقاعدة عسكرية متقدمة في المنطقة، وأخيرا توفير الأمن اللازم لممرات الخليج المائية والحد من قدرات إيران في المنطقة، وإيران بنظري أضعف من ان تهدد أحداً، الا أن تخبط السياسات الامريكية أدى الى توسع تأثيرها في المنطقة، بدلالة التفاهمات الاخيرة التي شهدها البيت الأبيض مؤخراً.

كل ذلك أدى ويؤدي الى إعادة خلط الأوراق في المنطقة، واشغالها في حرائق وحروب محلية فُرِضَتْ عليها، الهدف منها ضرب ما يوحد العالم العربي، الا وهي فلسطين.

ولأسباب عدة ايضاً، منها: النفط، والارث الحضاري الإنساني، وتدمير عناصر القوة التي كانت تتمتع بها هذه المنطقة، قبل إزاحة العراق ومصر وسوريا من جدول الاهتمامات، بقيت منطقة الشرق الأوسط الموضوع المُحَبَّذِ لمشاريع تحريك الحدود، وصناعة المصائر، وتجارة السلاح، تحت مسميات مختلفة منها صفقة القرن والشرق الأوسط الجديد، وكلها ستار للهدف الجديد، الذي بنظري يرتكز على إعادة صياغة النظام العالمي الجديد، واستبداله برؤية أمريكية إسرائيلية.

وهذا ما  سبق أعلنته صراحة وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس (2005 – 2009) عندما تحدثت عن إعادة ترتيب المنطقة وترسيخ عبارة الشرق الأوسط الجديد في فكر الإعلام الغربي، وهي فكرة الرئيس الإسرائيلي الاسبق شمعون بيريز، وجوهر ما أطلق عليه لاحقاً خطة ترامب، التي هي بالأساس خطة  الجنرال  والسياسي الإسرائيلي ايغال ألون التي طرحها  عقب احتلال إسرائيل لبقية الأراضي الفلسطينية عام 1967، تبدأ بالانقضاض على فلسطين ثم المحيط العربي وتنتقل نحو آسيا مروراً بإيران وتركيا ثم افريقيا، وتتويجاً لهذه الرؤيا فإن إدارة المفتاح الذي تملكه اساساً وهو الاقتصاد، يقودها للسيطرة على أوروبا.

المشاركين الأعزاء

 أختم بالقول إننا في ربع الساعة الأخير من التنفيذ الجامح لهذا المخطط الشيطاني، وما قد يؤثر فيه او يتسبب بإعادة صياغتها، نتائج الانتخابات الامريكية القادمة، وكيفية التعامل مع نتائجها.

كنت اود ان أكون متفائلاً، والتفاؤل طبعي حتى في أصعب الاوقات، لكنني اعتقد أننا امام “نيرو ” جديد يتمثل بشخص الرئيس ترامب، وعلينا ان نصحو قبل فوات الأوان، قبل ان تتسبب سياساته ورغباته بحرق العالم، وهو في سبيل ذلك يدوس القيم الإنسانية التي تشكل منظومتنا الأخلاقية جميعاً.

شكرا لكم   وأتمنى لأعمال هذا المؤتمر النجاح..

Pozostaw powtórkę