مقابلة صحفية مع الصحفية أغنيشكا بيفار

سؤال :  ينشر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة تحديثات منتظمة لإحصائيات الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة. البيانات مرعبة.  عشرات الآلاف من القتلى. القنابل تستهدف الجميع  يموت المدنيون العزل، ومن بينهم أطفال ونساء وأطباء وصحفيون. وهناك المزيد والمزيد من الجرحى. نتيجة التهجير القسري والظروف المأساوية،  تنتشر الأمراض المعدية بشكل واسع. 70 ألف شقة دمرت بالكامل.  تم إخراج 30 مستشفى من الخدمة. كل شيء مفقود: الماء، الكهرباء والأدوية والمواد الغذائية وغيرها.

هل تصل أي مساعدات إنسانية إلى هناك؟

السفير خليفة:   المساعدات التي تدخل غزة  لا تلبي أبسط الاحتياجات الإنسانية لنحو 2 مليون و300 ألف إنسان فقدوا أبسط الاحتياجات الإنسانية على مدار أكثر من أربعة أشهر . ما تتعرض له غزة هو إبادة وتدمير لكل مكونات الحياة البشرية.

باختصار شديد غزة هي مرآة القيم السياسية السائدة والتي تعكس ضعف النظام الدولي. وخطورة ذلك أنها تهيئ لوضع تسود فيه شريعة الغاب. وهذا أمر خطير.

سؤال: باستثناء جنوب أفريقيا، التي اتهمت إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية، هل تحاول أي دول أخرى ايقاق مخططات نتنياهو؟

السفير خليفة:   نعم هناك دول  كثيرة  اعربت عن موقفها بوضوح واتخذت خطوات واضحة، تحركت لوقف هذه الجريمة وهذه الابادة،  ونعبر لها عن تقديرنا على مواقفها  الشجاعة.  استمعنا ايضاً  لتصريحات جوزيف بوريل ، والأمين العام للامم المتحدة ايضا.

الجميع تحدث بوضوح، لكن كما سبق واشرت ان المنظومة الدولية ومؤسساتها، فاقدة للتأثير، تتلكأ في خطواتها، بينما لمسنا وشاهدنا فاعلية هذا النظام  في مناطق اخرى في العالم.

لذلك نقول عندما تكون رغبات الادارة الامريكية بوصلة النظام  العالمي،  كما نرى ذلك،  فإن النظام الدولي سيكون منحازاً وغير فاعل، ما  يعني ان هناك خللاً واضحاً  في النظام العالمي، وهذا الخلل يجب التوقف امامه.

والأخطر ان الادارة الامريكية باتت لا ترى عوراتها،  وأنها غير قادرة  على قيادة العالم، فهي نفسها تتنازعها الصراعات منذ عهدين، او لنقل ادارتين.

سؤال :  بتاريخ 26 يناير 2024، أصدرت محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة في لاهاي قراراً مؤقتاً أمرت فيه إسرائيل باتخاذ إجراءات لمنع جريمة الإبادة الجماعية،  وتحسين الوضع المادي في غزة. كيف تعاملت  إسرائيل على هذا الحكم؟

السفير خليفة:    ما تفعله إسرائيل الان!، انهم يواصلون التهديد بتنفيذ ابادة واسعة في رفح، حيث يوجد نحو مليون و400 الف نازح في مساحة لا تتجاوز 151 كم مربع.

لا نسمع من إسرائيل سوى طبول الحرب،  وممارسة القتل، والعالم يراقب ذلك ويتابع هذه الابادة دون أي خطوات فاعلة لحماية المدنيين. إسرائيل تعتقد ان يدها مطلقة لتنفيذ المزيد من الجرائم الانسانية.

سؤال : ما الذي تسعى  إسرائيل لتحقيقه من خلال شن هجوم على قطاع غزة؟

السفير خليفة:   نعلم أن اسرائيل لديها من القوة، ومن الجنون،  ما يشعل المنطقة؛  يكفي فقط ان نسمع للوزراء الاسرائيليين، حتى اكثر الاشخاص تطرفاً في العالم يقف مذهولاً امام تلك التصريحات، وما  يسمعه العالم من  تصريحات صادرة عن الحكومة الأكثر  تطرفاً في التاريخ.

على الاسرائيليين،  وأنا اتحدث هنا للشعب والقوى السياسية في اسرائيل،  ان يفهموا جيداً ان السلام والاستقرار، وانهاء الاحتلال هو فقط ما يؤهلها ان تكون جزءا من المنطقة. وهذا يعني الذهاب نحو السلام على قاعدة حل الدولتين.

على مدار ربع قرن ماطلت إسرائيل في تنفيذ استحقاقات التسوية السياسية، قتلت الأمل، نشرت الكراهية، وهذه هي النتيجة، هذا تماماً ما يريده هذا التحالففي تل ابيب.

سؤال: كيف يتفاعل المواطنون الإسرائيليون مع ما يحدث؟ هل يؤيد الجمهور الإسرائيلي تصرفات نيناياهو  ضد الفلسطينيين في قطاع غزة؟

السفير خليفة:    لا يرى الاسرائيليون الجرائم التي  يرتكبها جيشهم في غزة، الاعلام الإسرائيلي بالمجمل، باستثناء بعض الحالات، هو جزء من منظومة الكراهية والحرب التي يريدها هذا الحالف الحاكم في تل ابيب، وانا على يقين ان في المجتمع الإسرائيلي، هناك قوى وفئات تريد السلام والاستقرار، لكن الجميع مختطف عقائدياً من هذا التحالف الفاشي، وهذا التحالف يقودة مجموعة من المتطرفين المستوطنين، هم مجموعة من المرتزقة، يعيشون على معاناة الشعبين الاسرائيلي  والفلسطيني، ومن المهم ان تعرفوا ان نحو 95 %  منهم يحملون الجنسيات الاوروبية، لذلك من المهم ان تتنبه الشعوب الاوروبية ايضاً ان الجرائم التي يقترفونها لا يمكن لأي دولة اروبية ان تتحمل عواقبها، لذلك نطالب ليس بمنعهم من دخول اوروباً فقط وانما بمحاكمتهم في المحاكم الاوروبية  أيضاً.

سؤال:   هل هناك حالات يبتعد فيها المواطنون الإسرائيليون عن الرواية الصهيونية، ويدافعون عن الفلسطينيين؟

السفير خليفة:   بالتاكيد، الاسرائيليون مجتمع مثل غيره من المجتمعات، هناك من يؤيد هذه الحكومة، وهناك من يعارض توجهاتها الاجرامية، وهم كُثر، وفي معظمهم ينشطون لكشف زيف الادعاءات الاجرامية لاعضاء هذه الحكومة وجيشها، ويرفضون الاحتلال وسياساته المقيتة. يريدون ان يعيشو  إلى جانب جيرانهم في ظروف وحياة طبيعية.

سؤال:  من يستطيع إيقاف ممارسات إسرائيل، وكيف؟

السفير خليفة:   نحن نعيش في عصر وحيد القرن، الإدارة الامريكية، وهيَّ بيدها الحل، هي التي تقوم باشعال الحرائق في كل مكان، لتحقيق أهدافها الخاصة، فهي المُصَدِر الاول للسلاح،  والممول الرئيسي لإسرائيل، ألم تسمعي بايدن عندما قال ان اسرائيل هيَّ استثمارهم، وانه  لو لم تكن  اسرائيل في المنطقة  لأوجدوها.

الاتحاد الاروربي ايضاً، لديه القدرة على ممارسة الضغط، ولجم هذا التطرف الاسرائيلي، وهؤلاءUSA   و EU   مجتمعين في مجلس الامن، قادرون على الزام اسرائيل بتنفيذ القرارات الدولية الصادرة بهذا الشأن، قادرون على تطبيق اتفاقيات السلام الموقعة بين الفلسطينيين والاسرائيليين والتي هم ضامنون لحسن تنفيذها، قادرون على عقد مؤتمر جديد للسلام وفق اجندة زمنية واضحة.  هناك أدوات لممارسة ذلك لكن المهم ان تتوفر الارادة لوقف هذا الجنون.

سؤال:    شنت إسرائيل هجوماً وحشياً انتقامياً على هجوم حماس. وكان هذا الانتقام متوقعاً،  وأن إسرائيل ستكون أكثر وحشية،  مما سيؤدي إلى مقتل العديد من الأبرياء. هل هناك أي تفكير في المجتمع الفلسطيني بأن أعمال حماس جلبت الضرر للفلسطينيين أكثر من النفع؟

السفير خليفة:   في الحرب لا يوجد رابح، الجميع خاسر، المدنيين هم من يدفعون الثمن، وكما سبق وقلنا ، ان حياة كل مدني مهمة.  ولتجنب هذا الوضع،  وقعنا مع إسرائيل معاهدة سلام واضحة هدفها انهاء الصراع على قاعدة حل الدولتين.

بالمقابل، ماذا فعلت اسرائيل؟  قتلت الجنرال رابين ، تراجعت عن كل شيء، ذهبت نحو فرض مظاهر الاحتلال في الضفة وغزة، أوروبا أيضاً  وامريكا كانتا تراقبان كل ذلك، ولم تفعلان شيئاً لوقف الانتهاكات والاحتلال الاسرائيلي المتواصل .

 الرئيس عباس ومن على منبر الامم المتحدة ، حذر من انفجار الوضع نتيجة الانتهاكات الاسرائيلية، وهو ما وصلنا اليه.

لذلك نقول مرة اخرى ان السلام هو ضمانة الامن والاستقرار للجميع، وليس المزيد من القتل والدمار،   انجاز السلام بحاجة إلى قيادات شجاعة.

سؤال:   هل التعايش الفلسطيني الإسرائيلي ممكن من وجهة النظر الفلسطينية؟ إذا كان الأمر كذلك، تحت أي ظروف؟

السفير خليفة:   سبق وقلت، السلام على قاعدة حل الدولتين، التاريخ فيه الكثير من الأمثلة التي تعطينا الاجابة على هذا السؤال وغيره، حتى في التاريخ الفلسطيني نفسه، لذلك اقول ان السلام يبرمه الاعداء، بهدف الوصول إلى الاستقرار والازدهار.

سؤال:   معروف على نطاق واسع، أنه لم يتم احترام اتفاقيات أوسلو. والخلاصة هي،  أن إبرام مثل هذه الاتفاقيات ليس كافيا. كيف يمكن فرض الامتثال لاتفاقيات مستقبلية محتملة؟ ما هي  الأدوات التي  يمكن أن  تضمن هذا الاتفاق؟

السفير خليفة:   هذا يعيدنا الى ما سبق و قلته، أن امريكا والاتحاد الأوروبي هم جزء من الحل، هم كانوا ضامنين لاتفاقيات السلام، لكن عندما تنصلت إسرائيل من التزاماتها توقفوا عن ممارسة دورهم كضامنين، ومارس كل منهما ادارة  الصراع.

لذلك طرح الرئيس عباس والقيادة الفلسطينية على مدار ثلاث سنوات  متتالية من على منبر الامم المتحدة، وكرر ذلك في ايلول العام الماضي، فكرة  عقد مؤتمر دولي بجداول زمنية واضحة لانهاء هذا الصراع الطويل، انهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.

ويجب ان لا ننسى ان هناك أيضاً  مبادرة السلام العربية التي اعلنت عنها قمة بيروت في 2002، وهيّ   لا تزال مطروحة على الطاولة.  المهم ان يتوفر شريك اسرائيلي يريد تحقيق السلام.

سؤال: وسائل الإعلام الرئيسية في بولندا تُعلق على هذا الصراع في أغلب الأحيان من وجهة نظر إسرائيل. ومع ذلك، نلحظ ان الشعب البولندي يقف في كثير من الأحيان إلى جانب الفلسطينيين المضطهدين وتنظر إلى إسرائيل باعتبارها المعتدي. فهل تصل لكم سعادة السفير  أصوات  التضامن  مع الشعب الفلسطيني من  البولنديين العاديين ؟

السفير خليفة:   اود التعبير  عن التقدير العالي للشعب البولندي على دعمه وتضامنه، نعم نسمع صوتهم، البولنديون عاشوا ويلات الحروب والدمار. تصلني الكثير من الاتصالات والرسائل، واعبر عن شكرنا لكل هذه المشاعر والأصوات، اسمع صوت الفنانين ايضاً، سمعنا اصوات البرلمانيين .  لكننا نفتقد لصوت منظمات حقوق الانسان في بولندا.

بولندا تحظى بمكانة وتأثير كبيرين،  ولديها رؤية سياسية بولندية،  نطالب بخطوات أكثر تأثيراً  وفاعلية ، أن تمارس  بولندا دوراً  اكبر  يستند الى حجم ومكانة وتأثير بولندا في الساحة الأوروبية والدولية،  نقول لبولندا شكراً  على الدعم والتضامن، وندعو  الى موقف اكثر فاعلية .

ما يتعرض له المدنيون في الضفة وغزة يستدعي وقف هذه الحرب، هذا الجنون. وللوصول الى هذا الهدف نحتاج لجهد اكبر من الأصدقاء والمجتمع الدولي.

الكارثة الإنسانية في قطاع غزة كبيرة وتحتاج لإغاثة ودعم، الدمار كبير وشامل.

https://piwar.info/ambasador-palestyny-gaza-odzwierciedla-slabosc-systemu-miedzynarodowego/ 

Pozostaw powtórkę